ملخص تنفيذي:
المقدمة
تشهد التجربة السياسية السورية منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين تحولات جذرية في بنيتها الدستورية والإدارية، فرضتها تداعيات الثورة السورية والتهجير الواسع الذي طال ما يزيد عن ثلث الشعب السوري. فقد وجدت الدولة الجديدة نفسها أمام معضلة معقدة تتمثل في ضرورة إعادة بناء مؤسساتها التمثيلية في ظل تفكك البنية الاجتماعية وتعدد مناطق السيطرة وغياب الاستقرار الأمني والسياسي. وفي هذا الإطار، برزت الانتخابات التشريعية بوصفها إحدى الأدوات المركزية لإعادة إنتاج الشرعية السياسية وإظهار صورة الاستمرارية المؤسسية، رغم الانقسامات الحادة في المجتمع والشتات الواسع خارج الحدود.
لقد جاءت هذه الانتخابات ضمن ظروف غير مسبوقة، دفعت صانعي القرار إلى البحث عن نموذج انتخابي يوازن بين متطلبات التمثيل الشعبي وضرورات الضبط السياسي والأمني، فكان الاقتباس الجزئي من فكرة “المجمعات الانتخابية” الأميركية إحدى الصيغ المطروحة لمعالجة إشكالية غياب الناخبين والمهجرين وصعوبة إجراء اقتراع شامل مباشر. فالنظام الأميركي، رغم اختلافه البنيوي والسياسي، وفّر نموذجًا قابلًا للتأمل في كيفية تحقيق التمثيل غير المباشر وتجاوز العوائق الجغرافية والديموغرافية، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا حول مدى قابلية هذا المنطق للتطبيق في السياق السوري.
تزداد أهمية هذا البحث بالنظر إلى أن دراسة النظام الانتخابي السوري لا يمكن فصلها عن السياق العام للأنظمة السياسية العربية التي شهدت منذ عام 2011 تحولات كبرى في أعقاب موجات “الربيع العربي”، إذ مثّلت الانتخابات في تونس ومصر واليمن وغيرها محاولات لإعادة تأسيس الشرعية عبر صناديق الاقتراع، لكنها كشفت في الوقت ذاته هشاشة البنى السياسية وغياب الاستقرار المؤسسي. ومن ثمّ فإن المقاربة بين التجربة السورية والنموذج الأميركي، مع استحضار التجارب العربية الأخرى، تتيح قراءة أكثر عمقًا لديناميات إعادة إنتاج السلطة في ظل أزمات مركبة من النزاع والتهجير وإعادة التشكل الوطني.
في هذا السياق يطرح البحث سؤالَه المركزي: كيف حاولت الدولة السورية معالجة إشكالية التمثيل الانتخابي في ظل التهجير والانقسام الداخلي، وما مدى تأثر بنيتها الانتخابية بفكرة المجمعات الانتخابية الأميركية؟
لقراءة البحث هنا إعادة بناء التمثيل السياسي.docx